وَنَسَة.. ميرغني أبشر ،،،جاءته يَعوزُها أيُّ شيءٍ، فمَنَحَها كلَّ شيء!!
إحدى أهمِّ الظواهرِ المعاصرة في الحقلِ المعرفيِّ والأكاديمي، راحت تُبرهِنُ عليها جوائزُ العلمِ والآدابِ المرموقة، وبالأخصِّ في مجالِ العلومِ البحتة، ظاهرةُ حَصْدِ الجوائزِ والفتوحاتِ العلميَّة من قِبَلِ تشاركياتٍ أكاديميَّة بين علماءَ يعملون في مراكزَ أبحاثٍ ومعاهدَ وجامعاتٍ تُباعدُ بينها الجغرافيا، وتُقارِبُ بينها أنابيبُ المختبراتِ والهمُّ العلميُّ لخدمةِ الإنسان، ومثالُ ذلك جائزةُ نوبل؛ فقد نالَها عامَ 2019 كلٌّ من العالِمِ الأمريكي غريغ سيمنزا والبريطاني بيتر راتكليف والباحث الأمريكي ويليام كيلين بفضلِ أبحاثِهم المشتركة حول كيفيَّةِ استشعارِ الخلايا لنقصِ الأوكسجين؛ وهو إنجازٌ تقاطعَ فيه علمُ الأحياء مع الطبِّ والفيزياء الحيويَّة. وكذلك تقاسَمَها عامَ 2017 علماءُ من الولاياتِ المتحدة وأوروبا عن اكتشافِهم موجاتِ الجاذبيَّة التي تنبَّأ بها آينشتاين، عبر تعاونٍ ضخمٍ لمئاتِ الباحثين بين مرصد “ليغو” الأميركي و”فيرغو” الأوروبي.
مما يُعَدُّ مؤشراً سابقاً لمستقبلِ التعليمِ المُجوَّد. وإن كان الأمرُ قديمًا في هكذا تبادُلٍ بين الجامعات، إلا أنه كان لا يتعدَّى في مُجمله أفقَ الشراكاتِ الذكيَّة وتبادُلِ الخبرات في مجال التدريس ومنح الدراساتِ العليا، ولم يرتقِ لآفاقِ ما بَكَّرَ حقلُ الجوائزِ العالميَّة في الوصول لتُخومِه.
أسوقُ هذه المقدِّمة اللازمة لأقفَ بك، عزيزي القارئ، عند جملةٍ من الأخبارِ الفاتحة لهكذا مستقبلٍ باشر السودانُ النَّفوذَ إليه على يدٍ طموحةٍ تريدُ للسودانِ وأهلِه السبقَ في مضمارِ ريادةِ المستقبل الذكي. ولَعَمري لا يصدُرُ هذا إلا عن هِمَّةٍ لا تعرفُ للأعذارِ سبيلاً، وتستندُ إلى خبرةٍ ليست بالهيِّنة في مجال إدارةِ الأعمالِ والمال، يتصدَّرُ هَمُّها الموردُ البشريُّ بالأساس بوصفِه أساسَ التنميةِ ومقصِدَها. وحتى لا يأخذَك مللٌ أو سِنةُ انصراف، فهنا أُحدِّثُك عن السيِّد المحقِّق، أعني رجلَ الأعمالِ البارز أحمد إبراهيم المحقِّق، رئيسَ مجلسِ إدارةِ جامعةِ الدلنج، الذي قادَ جهوداً مُضنية ليفتحَ للسودانِ وبَنيه باباً لمستقبلٍ واسع، لينهلوا وينفعوا وينتفعوا من الحكمةِ الآسيويَّة هذه المرَّة.
وقد أثمرت جهودُ الرجل بإبرامِ جملةٍ من الاتفاقيَّات والشراكاتِ النوعيَّة مع عددٍ من الجامعاتِ والمعاهد والكلياتِ الجامعيَّة المتخصِّصة في إندونيسيا، ماليزيا، الصين، جامعة سانغا بوانا، جامعة المدينة، الجامعة الإسلامية، كلية ألفا وغيرها من بيوتات المعرفة والتعليم الجامعي. وهنا لا أُحدِّثُك – كما أسلفت – عن عاديِّ ما يتمُّ بين الجامعات، فقد نهضَ به الرجل، قصدي تبادُل خبرات الأساتذة والتوفّر على المنحِ الدراسيَّة العليا في درجتَي الماجستير والدكتوراه، بل وزاد عليها الرجل – على نفقته الخاصَّة – عشراتِ المنح لأبناء العاملين في الجامعة لنيلِ درجةِ البكالوريوس في جامعات الحكمة المشرقيَّة، أعني يقيناً دول النمور الآسيويَّة النَّاهضة.
بل أُحدِّثُك، عزيزي القارئ، عمَّا يستحقُّ إذاعته للناس، وهو ما ألمحتُ لك به في صدر مقالي هذا، أعني السبقَ لشراكةٍ تتعدَّى مفهومَ التوأمة الدارجة بين الجامعات؛ فقد بَكَّرَ الرجلُ ووضعَ السودانَ في مستقبلِ التعليم، ووقَّع اتفاقيَّاتٍ حَصادُها البحوثُ العلميَّة المشتركة، والورش، والإشرافُ البحثيُّ المشترك حتى على رسائل الدراساتِ العليا بدرجاتِها المعروفة، والعملُ على ترقيةِ بحوثِ التعليمِ الرقمي، والتكنولوجيا الحيويَّة، والطاقة المتجدِّدة،والذكاء الإصطناعي، وتشجيع الابتكار، وتوطين تقنيَّاتِ التعلُّم المعاصرة في البيئة السودانيَّة، وعلى رأسها الحلولُ الابتكاريَّة في مضمارِ الارتقاء بالتعليم الفني وتطوير الدراسات البحثيَّة في القطاع الزراعي والإنتاج الحيواني.
لا، بل وقد ذهبَ المحقِّق بعيداً في إنفاذِ أهمِّ مقوِّم لانطلاقِ مشروع التعليمِ المستقبلي وتسكينِه في البلاد وضمانِ استقراره واستدامتِه، وذلك بشرائه – على نفقته الخاصَّة – وشحنِه من أوروبا لمحطَّتَي طاقةٍ شمسيَّة وتركيبِهما بخبراتٍ تركيَّة في مدينتَي الدلنج بجنوب كردفان وبربر بولاية نهر النيل، الموعودة باستقبالِ فرعٍ للجامعة في إطارِ مشروع توسُّع الجامعة الأفقي والرأسي على ضوءِ استراتيجيةٍ واضحةِ الأهداف يقودُها رئيسُ مجلس إدارة الجامعة للنهوض بالتعليمِ العالي في السودان ومعاصرته، ومن بينها فتحُ أفرعٍ للجامعات الآسيويَّة بالسودان. وقد بلغت تكلفةُ محطَّات توليدِ الطاقة النظيفة والصديقة للبيئة ما يتعدَّى الـ30 مليون دولار.
ولكن ما الذي دعاني للكتابةِ عن رجلِ أعمالٍ بعينه دون آخرين لهم إسهاماتٌ بيِّنة في مجال التعليم؟ وللإجابةِ على هكذا تساؤل أُطلِقُ لك سلسلةً من نماذج رأس المال؛ فمنها من استثمرَ ربحاً في التعليم، ومنهم من اكتفى بقاعاتٍ للدرس تحملُ اسمَه، ومنهم من أسَّس جامعاتٍ للتعليم الأهلي غير الربحي، ولكنه استثمارٌ يدرُّ على صاحبِه بمقدار.
ولكن صاحبَنا المحقِّق تصدَّى لجامعةٍ حكوميَّة في ظرفٍ صَعيب وواقعٍ معطوب، يَعوزُها كلُّ شيء، فمَنَحَها كلَّ شيء وزيادة.
أمَّا ما فعله الرجلُ للسودانِ وأهلِه في سنينِ الضَّنك هذه، فهذا كتابٌ آخر نجمعُ شوارده وظواهره، ليُحكي عن رجلٍ هابشَه النيلُ تنافُساً في العطايا، فانكفأ إلى منابِعِه حسيراً…
الاتفاق على توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة بالنيل الأبيض والجمعية السودانية لرعاية وتوطين زراعة الكبد
بورتسودان: طل نيوز إلتقى د . محمد الشريف محمد الحسن – رئيس الجمعية السودانية لرعاية …